شرح حديث: إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور
شرح حديث: إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور
عن أَبي عليٍّ طَلْق بن عليٍّ : أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ: إِذَا دَعَا الرَّجُلُ زَوْجتَهُ لِحَاجتِهِ فَلْتَأْتِهِ وإِنْ كَانَتْ عَلَى التَّنُّور رواه الترمذي والنسائي، وَقالَ الترمذي: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
الشرح
إذا طلب الرجل امرأته للچماع فيجب عليها أن تجيبه ولو كانت مشغولة شغلًا لا يقوم به غيرها، كأن تكون تخبز أو تطبخ.
معاني الكلمات
حاجته: أي: الجماع.
فلتأته: أي لتجب حاجته.
التنور: الذي يخبز فيه الخبز.
من فوائد الحديث
- حق الزوج على الزوجة عظيم فينبغي أن تعد نفسها لذلك.
- حث المرأة أن تعمل على إرضاء زوجها وإسعاده بكل ما يحبه في غير معصية الله -تعالى-.
- الأمور تتفاوت في الأهمية.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
قد سبق ما يتعلق بحقِّ الزوجة على زوجها، وتقدم أيضًا بعض ما يتعلق بحق الزوج على الزوجة، والخلاصة: أن الواجب على الجميع التعاون على الخير، فالرجل يجب عليه أن يُؤدي حقَّها، ويستوصي بها خيرًا، كما قال ﷺ: استوصوا بالنساء خيرًا، والله يقول جل وعلا: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، ويقول سبحانه: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228]، فالواجب عليه أن يؤدي حقَّها، ولها رزقها، وكسوتها، وإحسان العشرة، وطيب الكلام، وعدم الإيذاء بغير حقٍّ، وعليها هي: السمع والطاعة لزوجها، وعدم عصيانه في المعروف، ومن ذلك ما ذُكِرَ هنا، فإنَّ حقَّ الزوج على الزوجة عظيم، فالواجب عليها أن تجتهد في ذلك، ولهذا تقدَّم قوله ﷺ: إذا دعا الرجلُ امرأتَه إلى فراشه فأبت أن تجيء لعڼتها الملائكةُ حتى تُصْبِح، وفي اللفظ الآخر: «كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها»، وهنا يقول ﷺ: إذا دعا الرجلُ امرأته لحاجته فلتُجبه ولو كانت على التنور يعني: ولو كانت مشغولةً بشيءٍ من مشاغل البيت، فطاعته مقدمة على مشاغل البيت.
كذلك حديث: أيُّما امرأةٍ ماټت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة، فهذا من أسباب التوفيق، كونها تُطيعه وتستقيم على طاعته في المعروف، فكما أنه إذا سخط عليها وبات ساخطًا عليها سخط الله عليها، فإذا أرضته، واستقامت على الحقِّ، وهي على الإيمان والهدى فكذلك هذا من أسباب رضا الله عنها في طاعتها لزوجها وقيامها بحقِّه.
وكذلك حديث: لو كنتُ آمِرًا أحدًا أن يسجد لأحدٍ لأمرتُ المرأةَ أن تسجد لزوجها يعني: لعظم حقه عليها، لكن السجود حق الله، لا يجوز لأحدٍ من الناس: فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا [النجم:62]، فالسجود حق الله، لكن لو كان يجوز السجود لأحدٍ لكان الزوج جديرًا بذلك؛ لعظم حقه على زوجته.
وهذا كله يُبين أنَّ حقَّ الزوج على زوجته متأكِّد وعظيم.
كذلك يقول ﷺ: ما تركتُ بعدي فتنةً أضرَّ على الرجال من النساء فهن فتنة، فالواجب على الزوج أن يتقي الله فيهن، والواجب عليها أن تتقي الله في الزوج، فليحذر فتنتها، وليحذر الناس فتنتها، ما وجه ذلك إلا لأنها مدعاة للشهوة، وكثير من الناس قد يُبتلى بالميل إليها والاتصال بها بغير حقٍّ، أو النظر إليها، أو غير هذا مما يحرم، فهي فتنة، ولهذا في الحديث الصحيح: إنَّ هذه الدنيا حلوة خضرة، وإنَّ الله مُستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون، فاتَّقوا الدنيا، واتقوا النساء؛ فإنَّ أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء أخرجه مسلم رحمه الله.
وهكذا هذا الحديث: ما تركتُ بعدي فتنةً أضرَّ على الرجال من النساء متفق عليه، فهذا يُوجب الحذر من الفتنة بهن، سواء كانت زوجةً أو غير زوجةٍ، فقد تأمره الزوجة بما يُغضب الله عليه، وقد تجرُّه إلى قطيعة الرحم، وإلى عقوق الوالدين، وقد تجرُّه إلى شرٍّ كبيرٍ، وقد يُفتن بها فيقع فيما حرَّم الله مما هو أكثر من المعاصي، فقد تجرُّه إلى الشرك، وقد يقع في الژنا والفواحش بأسباب النساء.
فالحاصل أن فتنتهن عظيمة، فالواجب على المؤمن أن يتَّقي الله، وأن يحذر فتنتهن، وأن يتَّقي الله فيهن، وأن يستوصي بهن خيرًا، ويحذر الفتنة بهن؛ لأنهن قد يجررنَه إلى ما حرَّم الله جل وعلا.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: ما ورد في سنة النبي ﷺ من جواز ضړب المرأة؟
ج: ما أعرف إلا ما جاء في القرآن، فالقرآن نصَّ على هذا: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ [النساء:34]، والنبي ﷺ قال: لهنَّ عليكم رزقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف، ولكم عليهنَّ ألا يُوطئن فرشَكم مَن تكرهون، وألا يأذَنَّ في بيوتكم لمن تكرهون، فإن فعلن فاضربوهنَّ ضربًا غير مبرِّحٍ يعني: غير شديدٍ، يحصل به التأديب ولكن لا يحصل به الخطړ.
س: حديث جلد العبد ما المفهوم منه؟
ج: صحيح، يعني: دون جلد العبد، يعني: أخفّ.
س: صحة حديث طلق بن علي: إذا دعا امرأتَه فلتأته وإن كانت على التنور؟
ج: ما راجعت أسانيده، لكن الأحاديث الصحيحة .
س: أقرأ عليك سنده، فالسند معي الآن؟
ج: نعم.
س: يقول: حدثنا هناد، أخبرنا ملازم بن عمرو، وحدثني عبدالله بن بدر، عن قيس بن طلق، عن أبيه طلق بن علي .. الحديث؟
ج: السند جيد.
س: هل على الرجل من طاعةٍ إذا هي دعته؟
ج: عليه أن يجتهد في عفتها، لا يلزمه طاعتها، لكن عليه أن يجتهد في عفتها حتى لا تقع الکاړثة.