المتباريان لا يجابان ولا يؤكل طعامهما".. هل تـــــدخل عزومات رمضان ضمن هذا الحديث؟
وقال الخطابي: المتباريان المتعارضان بفعلهما، يقال تبارى الرجلان إذا فعل كل واحد منهما مثل فعل صاحبه، ليرى أيهما يغلب صاحبه، وإنما كره ذلك، لما فيه من الرياء والمباهاة، ولأنه داخل في جملة ما نهي عنه من أكل المال بالباطل. اهـم من معالم السنن.
وقال ابن القيم في -أنواع الذوق- ** أما المكروه: فكذوق المشتبهات، والأكل فوق الحاجة، وذوق طعام الفجاءة، وهو الطعام الذي تفجأ آكله، ولم يرد أن يدعوك إليه، وكأكل أطعمة المرائين في الولائم، والدعوات ونحوها، وفي السنن أن رسـول الله صلى الله عـلــيه وسلم ” «نهى عن طعام المتبارين» .اهـم من مدراج السالكين.
وفي المفاتيح شرح المصابيح: قوله: “نهى عن طعام المتباريين”، (المتباري): الذي يفعل فعلا ليكون مثل صاحبه؛ ولينشر ذكره مثل ما انتشر من ذكر صاحبه، أو ليغلب ذكره عـLـي ذكره، فأكل طعام هذين الرجلين منهي عنه؛ لأنه للرياء، لا لله. اهـ.
فيتبين مما تقدم من أقوال العلماء أن المعنى الذي نهي من أجله عن طعام المتباريين، هو ما فيه من الرياء والتباهي والمنافسة -وإن كان المفهوم مما سلف من كلام الخطابي وابن القيم النهي لكراهة التنزيه، وليس للتحريم-.
وأما بخصوص المنافسة التي وصفتها: فلا يظهر أنها داخلة في طعام المتباريين المنهي عنه، إذ ليس المقصود من هذه المنافسة التباهي والتفاخر بإطعام الطعام، وحينئذ فحكمها باق عـلـي أصل الحل والإپاحة.
لكن ثَمَّ مسألة يحسن التنبه إليها؛ وهي حكم المسابقات -عموما- وخلاصة ما يقال فيها: أن الشرع قد جاء بإباحة المسابقات في الأمور المباحة، إن كانت المسابقة بلا جائزة مادية -وليس منها مـجرد منح شهادة مثلا للفائز، فهذه لا تعد جائزة منهيا من المسابقة عليها، وإنما هي مـجرد إثبات للفوز والسبق- وأما المسابقات عـلـي جوائز للسابقين، فإن الشرع قد نهى عنها، إلا في أشياء مخصوصة؛ لقول النبي صلى الله عـلــيه وسلم: لا سبَق إلا في نصل، أو خف، أو حافر. أخرجه أبو داود، وابن حبان في صحيحه، وراجع تفصيل هذا في الفتوى رقم: 257719.
والله أعلم.