قصة حقيقة حصلت في دمشق

موقع أيام نيوز

تفضل واشرب شاي ورَوّق بسيطة يا إبني.

جمع التاجر ما وَزَنهُ من كعك وبرازق وغريبة في

كيس ورق وقال لي: خذ هذا الكيس يا إبني وفي

المرة الجاية بتسدد لي ثمن ما إشتريت؛  الناس

لبعضها يا إبني.

قلت: يا سيدي أنا قد لا أعود لدمشق إلا بعد فترة

طويلة وأنا أعتذر لأنني لا أحب الإستدانة.

قال: أنا متأكدٌ يا إبني بأنك ستعود وتسدد لي ثمن

البضاعة ؛ وأصرَّ عليّ أن أحمل كيس البضاعة.

أخذت الحلويات وكلّي خجل من هذا الموقف.

وودعته هو وابنه وغادرت المحل؛  وبعد أن مشيت

مسافة بالسوق وإذا بإبن التاجر يناديني فتوقفت.

قال لي: لقد وجد والدي خمس ليراتك بأرض المحل

ويبدو أنها قد وقعت منك وأبي قد خصمَ منها ثمن

الحلويات وهذا الباقي تفضل.

كانت فرحتي كبيرة لأني لم أحمل دينًا في رقبتي

من ناحية؛ ولأنني سأستطيع دفع أجرة الباص للعودة

إلى السويداء دون الطلب من أحد لأنني لا أملك

غيرها.

عندها فرحت كثيرا وشكرت الولد وأرسلت معه

شكري لوالده؛  ووضعتُ باقي المبلغ في جيبي وأنا

سعيد جدًا.

وصلتُ إلى بيتنا في السويداء وعندما أدخلت يدي

في الجيب الخلفي للسروال  الذي كنت ألبسه تفاجأت

بأن الخمس ليرات في هذا الجيب الذي لم أبحث

فيه ؛ فقصصت على والدي ما حدث لي في دمشق

فابتسمَ وقال لي:

يا إبني تجار الشام وحلب هم تجار أبًا عن جد

ويحملون كل معاني الإنسانية ؛ وعليك يا بنيّ أن تعيد

الخمس ليرات للتاجر فهي دين في رقبتك وستأخذ

معك خبز ( مُلوّح ) من خبز والدتك لتكون هدية له

وأن تدعوه لزيارتنا.

وفعلًا في الأسبوع الثاني حملت معي ( خبز والدتي

الملوّح ) وخمس ليرات الدين.

عندما رآني التاجر من بعيد رأيت على وجهه

إبتسامةً ؛ وعندما إقتربت منه قال لي: ألم أقل لكَ

بأنك ستعود !!  والآن خذ معك هذا الكيلو الهريسة وسلّم لي على والدك وعلى أهل السويداء.

وبعد  طول هذه الفترة الطويلة ما زال وجه ذاك التاجر وإبنه أمام عيني ؛ 

ولن أنساه ما حييت فقد أعطاني الكعك والبرازق والغريبة ؛

وإنتبه أنني لا أمتلك غيرالخمس ليرات الورقية ؛ ولن يكون معي أجرة الطريق ؛

فأرسل لي مع إبنه مبلغًا يعينني على دفع أجرة الباص للوصول لمدينتي السويداء …

تم نسخ الرابط